زجاج النافذه /الكاتبة المغربية المبدعه فاطمة بنعبو

زجاج النافذة

                 اسمها جميلة ، و هي فتاة  جذابة و جميلة ، اسم على مسمى، تركت سيارتها  " الفورد فوكيس 🚗 " في أحد المرائب بالعاصمة الرباط ، لتستقل القطار السريع " البُراق " 🚄 ، المتجه إلى عروس الشمال مدينة طنجة ، لحضور مؤتمر علمي🔬🔬 عن القرنية المخروطية👁️👁️....

        إنها ساعة الذروة🕛 ، كل القاطرات🚋🚋 مملوءة عن أخرها ، جميلة كانت تعلم في قرارة نفسها أن لا مفر من ركوب هذا القطار 🚄للوصول في الوقت المناسب 🕝.

      دخلت القاطرة 🚋 ، و ما إن اتكأت على أحد الكراسي ، حتى تراءى إلى أسماعها  ، صوت رجالي ينادي 🗣️ :" أماه، أماه"، جميلة لم تُعِر الصوت أدنى اهتمام ، بل استمرت في تصفح مجلتها العلمية 📰 لتطلع على أخر الأبحاث في مجال طب العيون...... و إذا بالصوت يعود مرة أخرى 🗣️ : " أماه، أماه تعالي، فهنا مكان شاغر"، في هذه المرة التفتتْ جميلة لتُفَاجَأ بشاب في مقتبل العمر ، ينظر إليها 😀 ، و يُشِير  بسبابته  👉 إلى المقعد الفارغ بجواره.......فهمتْ جميلة أخيرا ، أن المنادى عليها لم يكن إلا هي..... اعتراها الاستغراب و الذهول 🤨 ، كيف لشاب عشريني 😀 أن يناديها بأماه❓❓❓و هي التي لم تبلغ الثلاثين من عمرها ، بل الأربعين، بل تجاوزت الأربعين بسنة، بل بسنتين، بل بثلاث سنوات.........

      نظرت جميلة إلى صورتها المنعكسة على زجاج النافذة 🔲 ، و أمعنت النظر في وجهها، في شعرها، في هندامها ،فلم ترى جميلة الأمس، لم ترى جميلة العائلة، لم ترى جميلة الحي.... لم تنتبه لما خطَّه الزمن 🖌️🖌️ على وجهها ، و لا لما سرقه من لون شعرها....... تمالكت نفسها ، و اتجهت صوب الكرسي الفارغ ، لتلقي بجسدها عليه ، و راحت تبحث عن نفسها في زجاج النافذة🔲....... و تسأل نفسها كيف حدث هذا؟؟ متى حدث هذا؟؟ من المسؤول عن كل هذا؟؟

    قالت في نفسها : إنها أمي ، نعم إنها أمي ، هي التي أنستني أنوثتي ، هي التي شجعتني أن أكرس حياتي للعلم ، رافضة ان أكون نسخة طبق الأصل عنها ، قابعة بين جدران منزلها ، ساهرة على راحة و سعادة زوجها..........لا لم تكن أمي ، إنها الدراسة ، أجل إنها الدراسة التي اخترت ، علم لا يتوقف عن التطور🔬🔬، علم يحرق الوقت⏳ و الجهد ، تداريب في المستشفى🏥🏥 ، دروس نظرية بعد الظهر📒📒 ، و سهر بالليل 🌙🌙لفهم و استيعاب ما دُرِّس في اليوم  ، ناهيك عن ساعات الحراسة المتوالية في أقسام المستعجلات👩‍🔬..... و بعد التخرج كطبيبة عامة 👩‍🎓 ، يبدأمشوار التخصص في طب العيون و السفر للخارج لإتمام الدراسة......... لا لم تكن أمي ، و لم تكن الدراسة...... إنها أنا ، أنا التي رفضتْ المشاركة في الرحلات🏖️🏝️ ، أنا التي رفضت حضور الحفلات🎉🎉 ، أنا التي رفضت كل الزيجات ، أنا التي دقَّت مسامير زنزانتها ، أنا التي سجنت نفسها بنفسها ، أنا التي رمت بالمفاتيح خلف القضبان.... أنا التي نسيت أن " لنفسك عليك حقا "...... و في لحظة ، و بدون سابق إنذار رفعت جميلة يديها إلى شعرها ، و نزعت مشابك شعرها ، و تركته ينسدل على كتفيها ، بتموجاته و بلونيه الأسود و الفضي المتلألئ ، و فتحت حقيبة يدها 👜 ، لتخرج مقصا للأوراق✂️ ، لتقص خصلات شعرها الأمامية بشكل يتناسق مع شكل وجهها، و تنظر إلى زجاج النافذة 🔲 ، الذي لم يعد زجاجا عاديا ، بل مرآة لفتاة مقبلة على الحياة ، وهي تخاطب أنوثتها  : (مشيرة إلى شعرها) هذا تاجك يا أميرة.👸👸...  من اليوم فصاعدا أنتِ الآمرة....

# بقلمي( فاطمة بنعبو) المغرب       30 01 2022

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يافؤادي /الشاعر المبدع سالم ذنون شهاب.. العراق

يقول المرء فائدتي ومالي /الشاعر العراقي المبدع سالم ذنون شهاب

سجن موحش /الشاعرة المبدعه آمنه بنت وهب