أمواج القسوة /قصة الكاتب محمد الباشا.. العراق

قصة قصيرة
العنوان/ أمواج القسوة
= = = = = = = = = = =
زميلتي في العمل عاشت مع رجل كان حلمها ، عاشا قصة حب سريعة التطورات إنتهت بالزواج ، لكن طباع البشر تظهر بعد العشرة ، صدمة كبيرة لها تصرفاته الغريبة ، الشك يختبيء بين نظراته وكلماته ، فصارت لحظات التلاقي في بيتهما مملة ، لا تنتمي إلى اللهفة والأشواق والحب ، التقيتها في العمل وقد كانت على وشك الأنهزام ، قالت لي :
_ مجنونة من تأمن لعواطف الرجل الثلجية ، فالوعود تنتهي مصداقيتها بعد ان تذبح المرأة في ليلتها الأولى ، عندها تحل عليها لعنة البناء على رمال الأمل الواهم ، لذا لن يكون الرجل بعد اليوم إلا كلمة ضائعة في صفحات عمري المتبقية ، في جزيرة الوجع ستكون أيام عزلتي سأهجر الهوى ، سأعمل على هدم كل علاقة حب لأن نهايتها خداع ، ولن أسمح أن تخدع أي فتاة بأسم الحب وقصصه الساذجة .
قلت لها معاتبة وناصحة :
_ خطى زواجك المستعجلة سبب العثرات ، حبكما كان سراباً لم يتحصن من الأعاصير ، ليس كل الرجال يملكون صفة التسلط والتعالي ، صراعك اليومي معه رسم لك صورة سيئة عن الأزواج ، الرجال والنساء بشر فيهم الصادق وفيه المراوغ ، فلا تتدخلي بين حبيبين فتدمري قصصاً قد تكون بريئة ونقية .
بقيت أتابع خطاها في العمل بالأخص بعدما كان قد طلقها زوجها ، راحت تشتت كل جمع للأحباب ، صارت تعلن أن الرجال كالذئاب ، وهي تتلذذ بأن تكون نهاية قصصهم كنهاية قصتها ، أو تفرق بينهما قبل الارتباط .
في مقر عملنا كان هناك رجل تجاوز الأربعين ، يبدي أهتماماً بصديقتي الحائرة الرافضة لأي رجل ، كان يمنحها دلالاً وأهتماماً ، حتى وجدتها تائهة شاردة الذهن ، قلت لها :
_ ما الجديد ؟ 
التفتت اليٌ وهي باهتة الحضور مذهولة ، وصرحت : 
_ أتعلمين أن الحياة لا تختزل بموقف ، وان الرجال ليسوا كلهم قاسين الطباع ، كنت أظنه يجاملني بكلمات هنا وهناك ، غير أني وجدته يعشقني ؟
قلت :
_ما الذي حصل لك ؟
قالت 
_ التقت عيوني بعيون ذاك الموظف الأربعيني لأول مرة ، صمتت شفاهه باحت عيونه ، لا أظنه ينتمي إلى صنف الرجال .
أتعلمين ما الذي قال لي ..... قال :
_ أتعلمين أن الصبح بين عينيك ضياءه والأنوار ، والورد يتوه في روحك ويفوح منك عطر الأزهار ، أنت لؤلؤة مخبأة تحت أصداف الجور والظلم والأقدار ، تستحقين تاجاً من الياسمين وأكليل غار ، وأن أستدرار عطفك وكسب ودك أمنية الروح ورغبة الأعمار .
لما سمعته ينطق كلمة الروح ، نسيت الدنيا رحت اتعثر بكلامي ، أحسست أني لا زلت حية ، تركته رجعت الى داري ، نظرت لمراُتي
المهجورة ، أزحت عنها غبار الاهمال ، وجدت أن هناك صورة ناصعة لي كنت غادرت ملامحها ، حدثت روحي وانا اتحسس بقاياي المهدمة :
_ استنطاق الروح الحالمة واحتضانها يحمل في طياته رؤى رائعة تستحق العناية والرقة بلا اهمال متعمد لأنه سيلقي بها إلى العزلة والاكتئاب لذا يستوجب علي أن أكون اكثر رومانسية مع الأرواح التي تعدت سنين المراهقة لأنها اكثر نضوجاً .
جئت في اليوم الثاني وجدت باقة ورد على مكتبي ، نظراته راحت تحاكي أعماقي المكبوتة ، قال بصوت حالم :
_ صباح الكواكب المنيرة ، صباح الورد وعبيرة ، صباح الهوى الذي قل نظيرة ، صباحي أنت يا سيدتي الأميرة .
ذبت بالكلام ، أحسست بصدقه ، قررت أن أكون حبيبته ، وجدت من يحتضن عواطفي التي تفيض لهفة ، التقيت بمن كنت أنتظره ، مضينا ولا زلنا نعيش رغم الأوجاع ، نرمم مدن الأهمال التي نعيشها ، ريشتي الحائرة في ريح الظلم أن لها الأستقرار عند عازف لحن الهوى النقي ، الغى كل آلامي ، أنا على يقين ان صرخة الحنين أنقذتني ، رجل من كوكب آخر ، أستيقضت على من يعرف كيف يداعب وتر المرأة الرقيق ، ليسمع منها أجمل الألحان ، صرت أحاذر عليه من مخالب الظلام الخطرة ، فقررت أن أكون أمرأة وفية ، وامنحه حباً نموذجياً ، لا تلوميني على تقلباتي لكن الذي جعلني ألجأ إليه أنه أعاد لي حياتي .....

بقلمي....محمد الباشا/العراق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يافؤادي /الشاعر المبدع سالم ذنون شهاب.. العراق

يقول المرء فائدتي ومالي /الشاعر العراقي المبدع سالم ذنون شهاب

سجن موحش /الشاعرة المبدعه آمنه بنت وهب